تفاعل مع هذه الصفحة
المواضيع الأخيرة
أنت الزائر رقم
المراهقة والمراهقون
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المراهقة والمراهقون
بشرى شاكر
تعد المراهقة فترة صعبة للغاية، ولكنها فترة الانتقال الطبيعي من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ وهي تختلف من إنسان إلى آخر بحيث يمكن أن تكون معتدلة ويمكن أن يكون الانتقال عنيفا، هي نوع من المطالبة بالاستقلالية لأن الطفل يترك مكانه إلى مراهق يزداد عنادا يوما عن يوم، فنراه يتصرف في أكثر الأحيان ضد رغبات والديه ويقوم بمعارضتهما ويناقشهما بحدة، ويتسبب في مشاكل مرات كثيرة غير متوقعة.
تشبه المحللة النفسية «فرنسواز دولتو» المراهق خلال فترة المراهقة بـ«المحارة» التي تتعرض لتغييرات فتسقط صدفتها وتذهب لتتوارى خلف الصخور، حتى تصنع لنفسها قوقعة جديدة، والمراهق يكون حينها قابلا للخدش بسهولة من قبل المؤثرات الخارجية، فيحاول تعويض النقص الدفاعي الذي يحس به بتغييرات سلوكية مفاجئة ومختلفة.
هذا التصرف الذي يعتبره الآباء خروجا عن طاعتهم وتجاوزا لسلطتهم أو إهانة لهم وعدم احترام، ما هو في واقع الحال سوى حاجة طبيعية في مثل هذه السن، ليكبر الطفل ويتحول إلى إنسان بالغ، وبالتالي الاستعداد لبناء حياته بنفسه، بأفكاره الخاصة وتخميناته الذاتية، فحب الذات من أقوى انفعالات هذه المرحلة، وببساطة أكثر إنه بحاجة إلى إثبات ذاته بواسطة اختياراته هو، وليس اختيارات الكبار، سواء والديه أو غيرهم.
خلال هذه الفترة، والتي تلقب عادة من طرف الكبار بأزمة المراهقة، لا يلجأ بعض الآباء إلى مصاحبة أبنائهم في اجتياز هذه الأزمة، ويردون على تمرد أبنائهم بعنف أكثر، فيؤدي تصرفهم هذا إلى إحساس المراهقين بالاختناق والحنق، وهناك نوع آخر من الآباء ممن يفضلون عدم الاكتراث لمثل هذه المرحلة المهمة، وينتظرون مرورها دون أن يولوا لها أية أهمية!!!
ويبدو أن الأجدى هو أن نجمع بين هذين السلوكين، بحيث يمكننا مراقبة المراهق عن قرب دون أن نعطيه الانطباع بأننا نحاصره أو نلاحقه في كل مكان، وذلك بأن نترك له حيزا للاختيار، وأن نحترم قراراته، مع إفهامه انه مسؤول عن تصرفاته واختياراته، وأيضا مسئول عن عواقبها، وبهذا نعطيه مساحة أكبر للإحساس بالمسؤولية، يمكّن للآباء من تصحيح أخطاء أبنائهم، ويمكّنهم من مواجهتهم بطريقة غير مباشرة، ودون اقتحام حياتهم بشكل واسع، وهناك طرق عديدة لذلك من بينها الحوار مثلا أو أن نحكي لهم قصة شخص آخر، بحيث يستقي منها المراهق العبرة ويفهم مغزاها ليطبقها على حياته هو دون أن نشعره أنه المعني بالأمر فنعرضه للإحراج.
الأهم في هذه المرحلة أن يكون هناك إنصات بين الأطراف المعنية، وأن يتوافر أيضا حوار داخل العائلة، وداخل المؤسسات التعليمية، ولكي يكون ذلك يجب أن يكون لدى المربين والمدرسين اطلاع على منهجية تعليمية صحيحة، وذلك بأن تكون لهم مثلا دورات تدريبية في علم النفس التربوي، وفي أساليب الإنصات، وأيضا أن يقتدوا بالسيرة النبوية العطرة التي سبقت باقي العلوم لوضع مناهج التربية بقرون عدة، وأيضا أن تتوافر لهؤلاء آليات وجو معنوي ومادي مناسب ليتمكنوا من العطاء، وبصيغة أخرى يجب أن يشعر هؤلاء المربون بارتياح نفسي بحيث يكونون بعيدين عن كل اضطراب ليتمكنوا من التعامل بنجاح مع هذه الفئة من الشباب.
المراهقة أفق مجهول وشاسع، ويُنصح بشدة أن نكون موجودين فعليًّا في حياة الأبناء في مثل هذه السن الحرجة، وتفادي المشاكل العائلية أمامهم حيث إن التغييرات الفسيولوجية وأيضا النفسية منذ بداية سن المراهقة، والتي تسمى أيضا بسن الحلم أو البلوغ، تبرز بقوة، فالطفل الصغير الذي ينحو نحو عالم الرجولة مثلا يبدأ بالإحساس بحاجته إلى تقليد الكبار والقيام بما يفعلونه هم، فيتعلم التدخين ويكون هذا غالبا خفية، ويبدأ بالكذب، ولنقل وبكل بساطة تبدأ تصرفاته في التغير دون أن يحس هو نفسه بذلك، وهذا التغير يكون غالبا حسبما يلاحظه الآباء والمربون إلى الأسوأ وقد يتحول الطفل المراهق نحو الأنانية والاهتمام المتزايد بالذات ويبدأ في معارضة كل شيء، ولكن هذه الرغبة في المعارضة في حد ذاتها ما هي سوى محاولة أخرى لإثبات الذات وفهم ما يدور حوله، وليست فقط نوعا من العناد أو عدم الرضوخ، وحينما نلاحظ مثل هذه التغيرات، يتوجب علينا الحضور الفعلي في حياة أطفالنا، ويكون ذلك مناسبة لنعلم هذا الطفل الذي هو في طريقه إلى التحول نحو رجل بالغ أن لكل شيء حدودًا، حتى الحرية التي تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين، ويمكن للآباء والمربين أن يوصلوا هذه الرسالة إلى المراهق بطرق عديدة ودون أن يلعبوا دور الشرير.
باختصار هذه المرحلة مهمة جدا، وصعبة أيضا بالنسبة للآباء كما هي بالنسبة للمراهقين أنفسهم، وقد تؤدي إلى عواقب كارثية إذا لم نحسن تدبيرها، كالإدمان على المخدرات مثلا والسجائر والفشل الدراسي أو حتى الهذر المدرسي، نعم فغالبا ما نسمع عن الهذر المدرسي بكثرة في مثل هذه المراحل العمرية، إنها حقا مرحلة صعبة للغاية، ولكن يمكن بالقليل من التفهم والحنكة وباتباع تربية سليمة، تدبيرها بفضل مجهودات جميع الأطراف المتداخلة، وذلك بأن يستعد الآباء إلى فترة تحتاج إلى الإنصات الدائم لمشاكل أطفالهم ومناقشتها والتحاور معهم أيضا، وهذا من طرف الأساتذة والمربين أيضا، ولكن لا يجب أن ننسى مسؤولية الدولة تجاه هذه الفئة من الناس الذين يشكلون المستقبل القريب بحيث من الواجب أن تُقام دُورٌ للشباب، تتنوع أنشطتها بين ما هو ثقافي ورياضي وأنشطة أخرى متعددة، فالمراهق في مثل هذه السن لديه طاقة هائلة ينبغي استخراجها لينمو على أرضية نفسية سليمة، وهذه البيئة هي التي يمكن أن تجعل المراهق يتوجه إلى إبداع فني مثلا، أو اللجوء إلى مقرأة قرآنية، أو أن يكون عرضة لأخطار عديدة كالإدمان على المخدرات والدعارة بالنسبة للفتيات أو حتى حالات اكتئاب وتغير في المزاج، قد يصل إلى هبوط انتحاري، فيحاول الطفل المراهق إنهاء حياته Réactions dépressives .
وهذا ما يبرزه ارتفاع نسبة الانتحار بين الأشخاص الذين ينتمون لهذه الفئة العمرية خصوصا في إطار التباس مفهوم التربية وابتعادها عن القواعد الدينية.
وفي إطار دراسة أجريت في المملكة المغربية، نرى أن عدد دُورِ الشباب قد ارتفع، وأنها شاهدت تطورا ملحوظا، ولكن المؤسف أن هذه الأنشطة الرياضية والفنية وغيرها مازالت مكلفة بالنسبة للأسر المتوسطة الدخل والتي بالكاد يمكنها تحمل مصاريف الأبناء الدراسية التي تزداد كل مرة، وبالتالي فالأندية والأنشطة التي تقام بها تعد بالنسبة لهم من الرفاهيات أو الكماليات التي لا يستطيعون اقتطاع ثمنها من أساسياتهم المعيشية، وبالتالي يتجه هذا المراهق بعد الحصص الدراسية إلى أزقة الحي التي تفتح ذراعيها له كأم ثانية، والمعروف أن المراهق يقضي وقتا أكبر بكثير خارج البيت من الذي يقضيه داخله في هذه المرحلة العمرية، وهنا نعود للتضامن الذي أوصى به ديننا، فمما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، قوله عن الرسول عليه الصلاة و السلام، «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً، ستره الله يوم القيامة».
فإنشاء الجمعيات ودور الشباب من أجل مساعدة هؤلاء المراهقين على تجاوز مرحلة التغير بطريقة سليمة جسديا ونفسيا حتى على نطاق الحي ومن قبل ساكنيه، بات أمرا ظاهرا في العديد من الأحياء العربية، وهو أمر محمود، ويدل على تضامن كبير، وليس هناك من تضامن أفضل من السعي إلى إنشاء جيل صالح يعيد أمتنا الإسلامية إلى زهوها وعزتها ومجدها، ويجعلها تبقى دائما وأبدا خير أمة أخرجت للناس.
فإنشاء ورش للرسم داخل المؤسسات التعليمية أو تحضير ندوات ثقافية، أمر ضروري لاستيعاب طاقة المراهقين من خلال المشاركة والابتعاد عن دور المتلقي فقط كما في مناهجنا التعليمية التي مازالت تعتمد في معظمها للأسف وخاصة في التعليم العمومي على التلقي أكثر، كما يمكن تشجيعهم على المنافسات الرياضية... إلخ، كلها أشياء بسيطة لكنها تمنع المراهق من أن يكون فريسة للشارع وأن يوجه طاقته نحو شيء مفيد ومثمر.
إن مرحلة المراهقة هي عملية قطف لما زرعه الوالدان من قيم وأخلاق وأساليب تنشئة في مرحلة الطفولة، فالوالدان اللذان عاملا ابنهما بالرفق واللين ونهجا نهج السيرة النبوية العطرة فاحترما إنسانيته وخلت معاملتهم له من التدليل أو الحماية الزائدة ومن الطموح الزائد أو النقد والتوبيخ ومقارنته بالآخرين أو معاقبته بدنيًّا على كل صغيرة وكبيرة، وعاملاه بحب وأشبعاه بالثقة، وساعداه منذ الصغر على تأكيد الذات، وقاما ببناء مفهوم إيجابي للذات عنده سوف يتجاوزان برفقة أبنائهم هذه المرحلة الحرجة بسهولة وبدون مشاق كثيرة.
باحثة مغربية
المصدر : الوعي الإسلامي
تعد المراهقة فترة صعبة للغاية، ولكنها فترة الانتقال الطبيعي من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ وهي تختلف من إنسان إلى آخر بحيث يمكن أن تكون معتدلة ويمكن أن يكون الانتقال عنيفا، هي نوع من المطالبة بالاستقلالية لأن الطفل يترك مكانه إلى مراهق يزداد عنادا يوما عن يوم، فنراه يتصرف في أكثر الأحيان ضد رغبات والديه ويقوم بمعارضتهما ويناقشهما بحدة، ويتسبب في مشاكل مرات كثيرة غير متوقعة.
تشبه المحللة النفسية «فرنسواز دولتو» المراهق خلال فترة المراهقة بـ«المحارة» التي تتعرض لتغييرات فتسقط صدفتها وتذهب لتتوارى خلف الصخور، حتى تصنع لنفسها قوقعة جديدة، والمراهق يكون حينها قابلا للخدش بسهولة من قبل المؤثرات الخارجية، فيحاول تعويض النقص الدفاعي الذي يحس به بتغييرات سلوكية مفاجئة ومختلفة.
هذا التصرف الذي يعتبره الآباء خروجا عن طاعتهم وتجاوزا لسلطتهم أو إهانة لهم وعدم احترام، ما هو في واقع الحال سوى حاجة طبيعية في مثل هذه السن، ليكبر الطفل ويتحول إلى إنسان بالغ، وبالتالي الاستعداد لبناء حياته بنفسه، بأفكاره الخاصة وتخميناته الذاتية، فحب الذات من أقوى انفعالات هذه المرحلة، وببساطة أكثر إنه بحاجة إلى إثبات ذاته بواسطة اختياراته هو، وليس اختيارات الكبار، سواء والديه أو غيرهم.
خلال هذه الفترة، والتي تلقب عادة من طرف الكبار بأزمة المراهقة، لا يلجأ بعض الآباء إلى مصاحبة أبنائهم في اجتياز هذه الأزمة، ويردون على تمرد أبنائهم بعنف أكثر، فيؤدي تصرفهم هذا إلى إحساس المراهقين بالاختناق والحنق، وهناك نوع آخر من الآباء ممن يفضلون عدم الاكتراث لمثل هذه المرحلة المهمة، وينتظرون مرورها دون أن يولوا لها أية أهمية!!!
ويبدو أن الأجدى هو أن نجمع بين هذين السلوكين، بحيث يمكننا مراقبة المراهق عن قرب دون أن نعطيه الانطباع بأننا نحاصره أو نلاحقه في كل مكان، وذلك بأن نترك له حيزا للاختيار، وأن نحترم قراراته، مع إفهامه انه مسؤول عن تصرفاته واختياراته، وأيضا مسئول عن عواقبها، وبهذا نعطيه مساحة أكبر للإحساس بالمسؤولية، يمكّن للآباء من تصحيح أخطاء أبنائهم، ويمكّنهم من مواجهتهم بطريقة غير مباشرة، ودون اقتحام حياتهم بشكل واسع، وهناك طرق عديدة لذلك من بينها الحوار مثلا أو أن نحكي لهم قصة شخص آخر، بحيث يستقي منها المراهق العبرة ويفهم مغزاها ليطبقها على حياته هو دون أن نشعره أنه المعني بالأمر فنعرضه للإحراج.
الأهم في هذه المرحلة أن يكون هناك إنصات بين الأطراف المعنية، وأن يتوافر أيضا حوار داخل العائلة، وداخل المؤسسات التعليمية، ولكي يكون ذلك يجب أن يكون لدى المربين والمدرسين اطلاع على منهجية تعليمية صحيحة، وذلك بأن تكون لهم مثلا دورات تدريبية في علم النفس التربوي، وفي أساليب الإنصات، وأيضا أن يقتدوا بالسيرة النبوية العطرة التي سبقت باقي العلوم لوضع مناهج التربية بقرون عدة، وأيضا أن تتوافر لهؤلاء آليات وجو معنوي ومادي مناسب ليتمكنوا من العطاء، وبصيغة أخرى يجب أن يشعر هؤلاء المربون بارتياح نفسي بحيث يكونون بعيدين عن كل اضطراب ليتمكنوا من التعامل بنجاح مع هذه الفئة من الشباب.
المراهقة أفق مجهول وشاسع، ويُنصح بشدة أن نكون موجودين فعليًّا في حياة الأبناء في مثل هذه السن الحرجة، وتفادي المشاكل العائلية أمامهم حيث إن التغييرات الفسيولوجية وأيضا النفسية منذ بداية سن المراهقة، والتي تسمى أيضا بسن الحلم أو البلوغ، تبرز بقوة، فالطفل الصغير الذي ينحو نحو عالم الرجولة مثلا يبدأ بالإحساس بحاجته إلى تقليد الكبار والقيام بما يفعلونه هم، فيتعلم التدخين ويكون هذا غالبا خفية، ويبدأ بالكذب، ولنقل وبكل بساطة تبدأ تصرفاته في التغير دون أن يحس هو نفسه بذلك، وهذا التغير يكون غالبا حسبما يلاحظه الآباء والمربون إلى الأسوأ وقد يتحول الطفل المراهق نحو الأنانية والاهتمام المتزايد بالذات ويبدأ في معارضة كل شيء، ولكن هذه الرغبة في المعارضة في حد ذاتها ما هي سوى محاولة أخرى لإثبات الذات وفهم ما يدور حوله، وليست فقط نوعا من العناد أو عدم الرضوخ، وحينما نلاحظ مثل هذه التغيرات، يتوجب علينا الحضور الفعلي في حياة أطفالنا، ويكون ذلك مناسبة لنعلم هذا الطفل الذي هو في طريقه إلى التحول نحو رجل بالغ أن لكل شيء حدودًا، حتى الحرية التي تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين، ويمكن للآباء والمربين أن يوصلوا هذه الرسالة إلى المراهق بطرق عديدة ودون أن يلعبوا دور الشرير.
باختصار هذه المرحلة مهمة جدا، وصعبة أيضا بالنسبة للآباء كما هي بالنسبة للمراهقين أنفسهم، وقد تؤدي إلى عواقب كارثية إذا لم نحسن تدبيرها، كالإدمان على المخدرات مثلا والسجائر والفشل الدراسي أو حتى الهذر المدرسي، نعم فغالبا ما نسمع عن الهذر المدرسي بكثرة في مثل هذه المراحل العمرية، إنها حقا مرحلة صعبة للغاية، ولكن يمكن بالقليل من التفهم والحنكة وباتباع تربية سليمة، تدبيرها بفضل مجهودات جميع الأطراف المتداخلة، وذلك بأن يستعد الآباء إلى فترة تحتاج إلى الإنصات الدائم لمشاكل أطفالهم ومناقشتها والتحاور معهم أيضا، وهذا من طرف الأساتذة والمربين أيضا، ولكن لا يجب أن ننسى مسؤولية الدولة تجاه هذه الفئة من الناس الذين يشكلون المستقبل القريب بحيث من الواجب أن تُقام دُورٌ للشباب، تتنوع أنشطتها بين ما هو ثقافي ورياضي وأنشطة أخرى متعددة، فالمراهق في مثل هذه السن لديه طاقة هائلة ينبغي استخراجها لينمو على أرضية نفسية سليمة، وهذه البيئة هي التي يمكن أن تجعل المراهق يتوجه إلى إبداع فني مثلا، أو اللجوء إلى مقرأة قرآنية، أو أن يكون عرضة لأخطار عديدة كالإدمان على المخدرات والدعارة بالنسبة للفتيات أو حتى حالات اكتئاب وتغير في المزاج، قد يصل إلى هبوط انتحاري، فيحاول الطفل المراهق إنهاء حياته Réactions dépressives .
وهذا ما يبرزه ارتفاع نسبة الانتحار بين الأشخاص الذين ينتمون لهذه الفئة العمرية خصوصا في إطار التباس مفهوم التربية وابتعادها عن القواعد الدينية.
وفي إطار دراسة أجريت في المملكة المغربية، نرى أن عدد دُورِ الشباب قد ارتفع، وأنها شاهدت تطورا ملحوظا، ولكن المؤسف أن هذه الأنشطة الرياضية والفنية وغيرها مازالت مكلفة بالنسبة للأسر المتوسطة الدخل والتي بالكاد يمكنها تحمل مصاريف الأبناء الدراسية التي تزداد كل مرة، وبالتالي فالأندية والأنشطة التي تقام بها تعد بالنسبة لهم من الرفاهيات أو الكماليات التي لا يستطيعون اقتطاع ثمنها من أساسياتهم المعيشية، وبالتالي يتجه هذا المراهق بعد الحصص الدراسية إلى أزقة الحي التي تفتح ذراعيها له كأم ثانية، والمعروف أن المراهق يقضي وقتا أكبر بكثير خارج البيت من الذي يقضيه داخله في هذه المرحلة العمرية، وهنا نعود للتضامن الذي أوصى به ديننا، فمما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، قوله عن الرسول عليه الصلاة و السلام، «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً، ستره الله يوم القيامة».
فإنشاء الجمعيات ودور الشباب من أجل مساعدة هؤلاء المراهقين على تجاوز مرحلة التغير بطريقة سليمة جسديا ونفسيا حتى على نطاق الحي ومن قبل ساكنيه، بات أمرا ظاهرا في العديد من الأحياء العربية، وهو أمر محمود، ويدل على تضامن كبير، وليس هناك من تضامن أفضل من السعي إلى إنشاء جيل صالح يعيد أمتنا الإسلامية إلى زهوها وعزتها ومجدها، ويجعلها تبقى دائما وأبدا خير أمة أخرجت للناس.
فإنشاء ورش للرسم داخل المؤسسات التعليمية أو تحضير ندوات ثقافية، أمر ضروري لاستيعاب طاقة المراهقين من خلال المشاركة والابتعاد عن دور المتلقي فقط كما في مناهجنا التعليمية التي مازالت تعتمد في معظمها للأسف وخاصة في التعليم العمومي على التلقي أكثر، كما يمكن تشجيعهم على المنافسات الرياضية... إلخ، كلها أشياء بسيطة لكنها تمنع المراهق من أن يكون فريسة للشارع وأن يوجه طاقته نحو شيء مفيد ومثمر.
إن مرحلة المراهقة هي عملية قطف لما زرعه الوالدان من قيم وأخلاق وأساليب تنشئة في مرحلة الطفولة، فالوالدان اللذان عاملا ابنهما بالرفق واللين ونهجا نهج السيرة النبوية العطرة فاحترما إنسانيته وخلت معاملتهم له من التدليل أو الحماية الزائدة ومن الطموح الزائد أو النقد والتوبيخ ومقارنته بالآخرين أو معاقبته بدنيًّا على كل صغيرة وكبيرة، وعاملاه بحب وأشبعاه بالثقة، وساعداه منذ الصغر على تأكيد الذات، وقاما ببناء مفهوم إيجابي للذات عنده سوف يتجاوزان برفقة أبنائهم هذه المرحلة الحرجة بسهولة وبدون مشاق كثيرة.
باحثة مغربية
المصدر : الوعي الإسلامي
علي المصري- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 39
تقييم : 1
تاريخ التسجيل : 09/11/2010
رد: المراهقة والمراهقون
شكرا لك على الموضوع كويس . و جد رائع
عبير المهبل- عضو جديد
- عدد المساهمات : 1
تقييم : 0
تاريخ التسجيل : 28/12/2014
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 11 نوفمبر 2016, 3:39 am من طرف admin
» لماذا طلب داعي اليهود نظرة من رسول الله في رحلة المعراج
الخميس 25 فبراير 2016, 4:12 am من طرف طيف الخيال
» نبراس الصادقين والصالحين
الثلاثاء 08 ديسمبر 2015, 6:40 am من طرف طيف الخيال
» العقاب بالضرب في التربية الإسلامية
الخميس 19 نوفمبر 2015, 4:28 pm من طرف طيف الخيال
» مبدأ التدرج في العلاج
الثلاثاء 01 سبتمبر 2015, 11:28 am من طرف طيف الخيال
» أبو بكر الصديق تاج الأمة الإسلامية
الخميس 13 أغسطس 2015, 8:39 am من طرف طيف الخيال
» ما حكم بلع البلغم للصائم
الإثنين 29 يونيو 2015, 8:19 am من طرف طيف الخيال
» أركان الصيام
الخميس 18 يونيو 2015, 1:17 am من طرف طيف الخيال
» الرد على من انكر دعاء ليلة النصف من شعبان
الثلاثاء 02 يونيو 2015, 10:58 pm من طرف طيف الخيال
» هل أسري أو عرج برسول قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم
السبت 23 مايو 2015, 5:00 pm من طرف طيف الخيال
» ما المشاهد التي تستفيد منها الأمة في رحلة الإسراء
الأربعاء 13 مايو 2015, 7:31 pm من طرف طيف الخيال
» مشاهد المعنى فى الإسراء والمعراج
الجمعة 01 مايو 2015, 8:41 pm من طرف طيف الخيال
» معراج أبي يزيدالبسطامي
الأربعاء 22 أبريل 2015, 7:10 pm من طرف طيف الخيال
» كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته بساما ضحاكا
السبت 04 أبريل 2015, 7:58 am من طرف طيف الخيال
» هيئة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم النافلة
الجمعة 27 مارس 2015, 4:09 am من طرف طيف الخيال
» وسترا لعورات الأحبة
الأحد 15 مارس 2015, 12:19 am من طرف طيف الخيال
» ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ
الجمعة 06 مارس 2015, 1:37 pm من طرف admin
» كيف تتعامل مع من ينتقدك بمهارة
الجمعة 06 مارس 2015, 1:17 pm من طرف admin
» ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻘﺪﻙ ؟
الجمعة 06 مارس 2015, 1:09 pm من طرف admin
» المراهقة والمراهقون
الأحد 28 ديسمبر 2014, 11:08 pm من طرف عبير المهبل