تفاعل مع هذه الصفحة
المواضيع الأخيرة
أنت الزائر رقم
نفسية البنات
صفحة 1 من اصل 1
نفسية البنات
نفسية البنات
إيمان القدوسي
إذا أردنا أن نفهم نفسية بنات اليوم بشكل سطحي ستبدو أمامنا لغزًا معقدًا، فهي ترتدي الحجاب والنقاب ولكنها تحب الخروج تحت أي مسمى، نزهة أو تسوق أو زيارة، ولا تفضل القرار في البيت، وهي تتعلم وتتفوق في الدراسة ولكنها لا تحقق التفوق نفسه في مجال العمل، تجري وراء الزواج وتحلم به، فإذا تزوجت بدأت تشكو من أعباء الزواج ومسؤولياته، تتمنى أن تكون أجمل الجميلات وتعلن أن الجمال لا يهم فالمهم جمال الروح والأخلاق، ترفض ترتيب حجرة شقيقها لأنها مساوية له وعليه أن يخدم نفسه، ثم تطلب أن ينزل لشراء طلباتها لأنه رجل وعيب يترك أخته البنت تخرج وحدها.
عندما تتم خطبتها لشاب تفعل المستحيل في سبيل فرض سيطرتها عليه، فإذا استجاب لها اتهمته بأنه سلبي وعديم الشخصية وأنها كانت تحلم برجل قوي يحكمها وتهابه، وإذا فرض هو سطوته عليها اتهمته أنه ديكتاتور وأناني ويريد إلغاء شخصيتها، وأنها كانت تتمنى من يحترمها ويعاملها بشكل متحضر، وأخيرًا هي خبيرة في فنون التكنولوجيا (موبايل- إنترنت- فيس بوك) ومتجنبة لفنون المطبخ لا تدخله إلا مضطرة، في المسجد تراها خاشعة متبتلة ومع الصديقات لاهية مرحة.
بنات اليوم هن خلاصة تطورات جرت على المرأة عبر قرن من الزمان، حياة الجدات انحصرت داخل جدران البيت الذي كان بمنزلة قلعة حصينة مجهزة بكل شيء وهو خلية عمل دائبة ومنتجة، تقوم النساء فيه بدور اقتصادي محترم، تربي الطيور وتحيك الملابس وتغزل وتطرز وتخبز وتطهو وتصنع من الفسيخ «شربات»، تتنافس النساء في المهارات وتجعل بيتها واحة معطرة برائحة نباتات الفل والياسمين وعامرة بخيرات الله وكلها من صنع يديها، تتعلم داخل المنزل وتسمع عن تطورات الحياة في القاهرة كما نسمع نحن عن الصين مثلا، وتتعجب حين تسمع من أم حسين «الدلالة» أن هناك عربات تمشي بالكهرباء اسمها «الترام».
خرجت الفتاة في الجيل التالي للتعليم على استحياء مع الحفاظ على «اليشمك الأبيض» (نقاب للوجه) والعباءة السوداء، وضرب الناس كفًّا بكف على أخلاق البنات التي انحدرت مع معجزات آخر الزمان، وأغربها أن الحديد نطق (الراديو) ودخل البيوت تسمع به البنات أغاني الحب.
في هوجة الستينيات خلعت البنات كل شيء واكتفت بفستان قصير جدًّا، وحطمت كل القيود والممنوعات وملأت الشاشات تمثيلا ورقصا، وصارت الموضة تظهر في مصر في نفس يوم ظهورها في أميركا، وأقبلت الفتيات على العمل بفرحة قلبت بغم بعد ذلك لأن دورها بعد الزواج صار مزدوجًا منهكًا وبلا عائد مناسب، وشهدت تلك الفترة مآسي في تربية «أطفال المفاتيح» وهو الطفل الذي يسحب المفاتيح من تحت الدواسة ويدخل شقة باردة كئيبة لا تعطرها أنفاس أمه وحنانها.
عادت البنات مع منتصف السبعينيات في محاولة جادة للجذور، عادت للحجاب والستر وطاعة الزوج والقرار في البيت وتربية الأبناء ولكن لم يستطعن استعادة العصر الذهبي للجدات، فمن خرجت وتعلمت وتأثرت بمجريات العصر صارت امرأة مختلفة، كما أنها لم تتح لها الفرصة لاكتساب مهارات ربة البيت الحقيقية، البيت نفسه صار مجرد شقة صغيرة تعيش فيها وحيدة معظم الوقت لانشغال زوجها بالعمل، لا تجد أمامها إلا التليفزيون الذي يلقي في ثنايا وعيها أفكارًا ويدخر بذور الخطر ليلقيها بعيدًا عن الانتباه في اللاوعي.
بنات اليوم هن خلاصة كل ذلك، توليفة أو تشكيلة من كل ما سبق، تراكمت خبرات الأجيال لديهن طبقة فوق أخرى، ولذلك يظهر التناقض والتضارب في السلوك، لن نقول سنعيش مثل جداتنا فذلك مستحيل، ولكن علينا الاختيار الواعي فنلتزم بآداب المرأة المسلمة ونبتكر تطبيقًا فعالًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، أهم ما يميزه الشفافية والوضوح، ولئن بدأنا الطريق بخطوة واحدة قصيرة فإنها أفضل من لا شيء.
نريد فتاة ملتزمة بحجابها وآدابه ولا وقت لديها تضيعه فيما لا يفيد، نريد فتاة مشاركة بجهدها في نهضة مجتمعها من دون اختلاط يسقط الحواجز والحدود، نريد فتاة قادرة على الاختيار، نريد فتاة إذا قالت فعلت وإذا عزمت استعدت، والأهم من كل ذلك تعرف قيمة نفسها وأنها رقم مهم يغير المعادلة الحضارية بالسلب أو الإيجاب.
من : مجلة الوعي الإسلامي
إيمان القدوسي
إذا أردنا أن نفهم نفسية بنات اليوم بشكل سطحي ستبدو أمامنا لغزًا معقدًا، فهي ترتدي الحجاب والنقاب ولكنها تحب الخروج تحت أي مسمى، نزهة أو تسوق أو زيارة، ولا تفضل القرار في البيت، وهي تتعلم وتتفوق في الدراسة ولكنها لا تحقق التفوق نفسه في مجال العمل، تجري وراء الزواج وتحلم به، فإذا تزوجت بدأت تشكو من أعباء الزواج ومسؤولياته، تتمنى أن تكون أجمل الجميلات وتعلن أن الجمال لا يهم فالمهم جمال الروح والأخلاق، ترفض ترتيب حجرة شقيقها لأنها مساوية له وعليه أن يخدم نفسه، ثم تطلب أن ينزل لشراء طلباتها لأنه رجل وعيب يترك أخته البنت تخرج وحدها.
عندما تتم خطبتها لشاب تفعل المستحيل في سبيل فرض سيطرتها عليه، فإذا استجاب لها اتهمته بأنه سلبي وعديم الشخصية وأنها كانت تحلم برجل قوي يحكمها وتهابه، وإذا فرض هو سطوته عليها اتهمته أنه ديكتاتور وأناني ويريد إلغاء شخصيتها، وأنها كانت تتمنى من يحترمها ويعاملها بشكل متحضر، وأخيرًا هي خبيرة في فنون التكنولوجيا (موبايل- إنترنت- فيس بوك) ومتجنبة لفنون المطبخ لا تدخله إلا مضطرة، في المسجد تراها خاشعة متبتلة ومع الصديقات لاهية مرحة.
بنات اليوم هن خلاصة تطورات جرت على المرأة عبر قرن من الزمان، حياة الجدات انحصرت داخل جدران البيت الذي كان بمنزلة قلعة حصينة مجهزة بكل شيء وهو خلية عمل دائبة ومنتجة، تقوم النساء فيه بدور اقتصادي محترم، تربي الطيور وتحيك الملابس وتغزل وتطرز وتخبز وتطهو وتصنع من الفسيخ «شربات»، تتنافس النساء في المهارات وتجعل بيتها واحة معطرة برائحة نباتات الفل والياسمين وعامرة بخيرات الله وكلها من صنع يديها، تتعلم داخل المنزل وتسمع عن تطورات الحياة في القاهرة كما نسمع نحن عن الصين مثلا، وتتعجب حين تسمع من أم حسين «الدلالة» أن هناك عربات تمشي بالكهرباء اسمها «الترام».
خرجت الفتاة في الجيل التالي للتعليم على استحياء مع الحفاظ على «اليشمك الأبيض» (نقاب للوجه) والعباءة السوداء، وضرب الناس كفًّا بكف على أخلاق البنات التي انحدرت مع معجزات آخر الزمان، وأغربها أن الحديد نطق (الراديو) ودخل البيوت تسمع به البنات أغاني الحب.
في هوجة الستينيات خلعت البنات كل شيء واكتفت بفستان قصير جدًّا، وحطمت كل القيود والممنوعات وملأت الشاشات تمثيلا ورقصا، وصارت الموضة تظهر في مصر في نفس يوم ظهورها في أميركا، وأقبلت الفتيات على العمل بفرحة قلبت بغم بعد ذلك لأن دورها بعد الزواج صار مزدوجًا منهكًا وبلا عائد مناسب، وشهدت تلك الفترة مآسي في تربية «أطفال المفاتيح» وهو الطفل الذي يسحب المفاتيح من تحت الدواسة ويدخل شقة باردة كئيبة لا تعطرها أنفاس أمه وحنانها.
عادت البنات مع منتصف السبعينيات في محاولة جادة للجذور، عادت للحجاب والستر وطاعة الزوج والقرار في البيت وتربية الأبناء ولكن لم يستطعن استعادة العصر الذهبي للجدات، فمن خرجت وتعلمت وتأثرت بمجريات العصر صارت امرأة مختلفة، كما أنها لم تتح لها الفرصة لاكتساب مهارات ربة البيت الحقيقية، البيت نفسه صار مجرد شقة صغيرة تعيش فيها وحيدة معظم الوقت لانشغال زوجها بالعمل، لا تجد أمامها إلا التليفزيون الذي يلقي في ثنايا وعيها أفكارًا ويدخر بذور الخطر ليلقيها بعيدًا عن الانتباه في اللاوعي.
بنات اليوم هن خلاصة كل ذلك، توليفة أو تشكيلة من كل ما سبق، تراكمت خبرات الأجيال لديهن طبقة فوق أخرى، ولذلك يظهر التناقض والتضارب في السلوك، لن نقول سنعيش مثل جداتنا فذلك مستحيل، ولكن علينا الاختيار الواعي فنلتزم بآداب المرأة المسلمة ونبتكر تطبيقًا فعالًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، أهم ما يميزه الشفافية والوضوح، ولئن بدأنا الطريق بخطوة واحدة قصيرة فإنها أفضل من لا شيء.
نريد فتاة ملتزمة بحجابها وآدابه ولا وقت لديها تضيعه فيما لا يفيد، نريد فتاة مشاركة بجهدها في نهضة مجتمعها من دون اختلاط يسقط الحواجز والحدود، نريد فتاة قادرة على الاختيار، نريد فتاة إذا قالت فعلت وإذا عزمت استعدت، والأهم من كل ذلك تعرف قيمة نفسها وأنها رقم مهم يغير المعادلة الحضارية بالسلب أو الإيجاب.
من : مجلة الوعي الإسلامي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 11 نوفمبر 2016, 3:39 am من طرف admin
» لماذا طلب داعي اليهود نظرة من رسول الله في رحلة المعراج
الخميس 25 فبراير 2016, 4:12 am من طرف طيف الخيال
» نبراس الصادقين والصالحين
الثلاثاء 08 ديسمبر 2015, 6:40 am من طرف طيف الخيال
» العقاب بالضرب في التربية الإسلامية
الخميس 19 نوفمبر 2015, 4:28 pm من طرف طيف الخيال
» مبدأ التدرج في العلاج
الثلاثاء 01 سبتمبر 2015, 11:28 am من طرف طيف الخيال
» أبو بكر الصديق تاج الأمة الإسلامية
الخميس 13 أغسطس 2015, 8:39 am من طرف طيف الخيال
» ما حكم بلع البلغم للصائم
الإثنين 29 يونيو 2015, 8:19 am من طرف طيف الخيال
» أركان الصيام
الخميس 18 يونيو 2015, 1:17 am من طرف طيف الخيال
» الرد على من انكر دعاء ليلة النصف من شعبان
الثلاثاء 02 يونيو 2015, 10:58 pm من طرف طيف الخيال
» هل أسري أو عرج برسول قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم
السبت 23 مايو 2015, 5:00 pm من طرف طيف الخيال
» ما المشاهد التي تستفيد منها الأمة في رحلة الإسراء
الأربعاء 13 مايو 2015, 7:31 pm من طرف طيف الخيال
» مشاهد المعنى فى الإسراء والمعراج
الجمعة 01 مايو 2015, 8:41 pm من طرف طيف الخيال
» معراج أبي يزيدالبسطامي
الأربعاء 22 أبريل 2015, 7:10 pm من طرف طيف الخيال
» كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته بساما ضحاكا
السبت 04 أبريل 2015, 7:58 am من طرف طيف الخيال
» هيئة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم النافلة
الجمعة 27 مارس 2015, 4:09 am من طرف طيف الخيال
» وسترا لعورات الأحبة
الأحد 15 مارس 2015, 12:19 am من طرف طيف الخيال
» ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ
الجمعة 06 مارس 2015, 1:37 pm من طرف admin
» كيف تتعامل مع من ينتقدك بمهارة
الجمعة 06 مارس 2015, 1:17 pm من طرف admin
» ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻘﺪﻙ ؟
الجمعة 06 مارس 2015, 1:09 pm من طرف admin
» المراهقة والمراهقون
الأحد 28 ديسمبر 2014, 11:08 pm من طرف عبير المهبل